عن الاستعباط الوطني والإعلان الدستوري ،،، نتحدث
يتعجب الواحد كثيراً من كم محاولات (الاستعباط) التي يتعرض لها بصفته مصرياً والتي تفترض بالتالي في المتلقي أنه (عبيط) سيصدق أي لغو أو ثرثرة تلقى إليه من شخص متحذلق يطلق عليه زملائه المتحذلقون لقباً تثقيفياً فخيماً أو توصيفاً نخبوياً أصيلاً.
فبعد إعلان نتيجة الإستفتاء بأكثر من شهرين ما نزال نرى ونسمع ونقرأ لكل من عارض مسار المرحلة الانتقالية الذي حددته التعديلات الدستورية ووافق الشعب عليه بأغلبية كاسحة دعوات لتجاوز نتيجة الاستفتاء تحت نفس الشعارات الفارغة التي لم يقتنع بها الشعب من قبيل (المجلس الرئاسي المدني) و (الدستور أولاً) و (المبادئ فوق الدستورية).
وليت الأمر توقف عند (الثرثرة) في وسائل الإعلام ، ولكن (الإستعباط) بدأ يسلك منعطفاً خطيراً على الأرض بدعوات من قبيل (ثورة الغضب الثانية) و الحشد للتظاهر والمليونيات والاعتصامات من أجل فرض هذه المطالب فرضاً. وطبعاً لم يحاول هؤلاء ومن يتجاوب معهم أن يفكروا في عواقب هذه الأفعال على الديمقراطية الوليدة، أو فيما يمكن أن يحدث للبلاد إذا قررت الأغلبية التي اختارت الطريق الأخر (الانتخابات أولاً) أن تنزل بدورها إلى الشارع لتدافع عن اختيارها ليصطدم الفريقان ونصبح أمام (حرب أهلية) مكتملة الأركان.
وحينما يحاول أي منا مناشدة هؤلاء احترام إرادة الشعب ومبادئ الديمقراطية التي يدعون الإيمان بها تفاجئنا أطروحة (استعباطية – استهبالية) بامتياز ، ومؤداها أن الإستفتاء قد سقط بإصدار المجلس العسكري لإعلان دستوري لم يتم الاستفتاء على مواده.
وهو طرح بجانب فساده المنطقي يعتمد الكذب والتضليل سبيلاً إلى تحقيق الغايات السياسية ، ذلك أن العبد لله عندما توجه إلى لجنة الاستفتاء ليقول (نعم) للتعديلات كان يعلم أن هذه التعديلات ستصبح جزءاً من إعلان دستوري سيصدره المجلس كما أعلن ذلك قبيل الاستفتاء بأيام!
وما زلت أذكر تلك الحلقة التليفزيونية من برنامج (مصر النهاردة) على التليفزيون الرسمي للدولة ، فقد جلس اللواء ممدوح شاهين مساعد وزير الدفاع للشئون القانونية مجاوراً المستشار ماهر سامي نائب رئيس المحكمة الدستورية وعضو لجنة التعديلات الدستورية على يمين الشاشة و جلس في الجهة المقابلة لهم الدكتور عمرو حمزاوي أستاذ العلوم السياسية.
وحيث أن دفوع الكثيرين ممن رفضوا التعديلات كانت مبنيةً على أنها تعيد الشرعية لدستور أسقطته الثورة وأن الذين أيدوها لم يكن اي منهم متمسكاً بدستور 71 ، بل كان الفريقان يريدان دستوراً جديداً وإن اختلفا على خارطة الطريق، أعلن ممدوح شاهين في الحلقة أن دستور 71 لن يعود بأي حال وأن المجلس العسكري سيصدر إعلاناً دستورياً (كما كان يطالب الرافضون) عقب الإستفتاء في كل الأحوال. على أن يتضمن الإعلان الدستوري – إن كانت نتيجة الاستفتاء بنعم - المواد التي استفتي عليها الشعب لتنظم المرحلة الانتقالية. وهو تصريح نقلته عنه كل وسائل الإعلام المقروءة والمسموعة والمرئية وقتها.
يمكنك هنا مطالعة رابط للخبر وفيديو الحلقة
اي أن المطروح كان واضحاً قبل الذهاب للصناديق، اعلان دستوري في كل الأحوال ، أنا على الأقل كنت أعلم هذا وكان اختياري ل (نعم) مبنياً على معلوماتي تلك. وليس ذنبي أن نفراً من القوم قد ذهب إلى الصندوق ليقول (لا) وهو لا يعلم أنه سيكون هناك إعلان دستوري لاحق على الاستفتاء بل ويتخذ جهله هذا حجةً على الأغلبية التي يتهمها هو بالجهل والغفلة.
أخيراً يا سادة ، (كفوا عن الشكوى) كما قال لكم سلامة أحمد سلامة ، وتوقفوا عن عن الكسل والخوض في معارك الماضي و (هزوها شوية) كما تنصحكم نوارة نجم. واشتغلوا بالسياسة على الأرض واستعدوا لانتخابات البرلمان بدلاً من تضييع وقتكم ووقتنا في الثرثرة حول ما اتخذنا بشأنه قرارانا الديمقراطي فعلاً.
هذا ، وعلى الله قصد السبيل
عبدالرحمن عبدالودود ، مدينة الشيخ زايد، 2 يونيو، عام الثورة