سأنزل يوم 25 يناير القادم إلى ميادين الثورة المصرية بإذن الله للأسباب الآتية المتوافقة والمتلازمة وغير المتعارضة في ضمير المخلصين من ذوي الألباب:
لأحتفل بيوم أن من الله على هذا الشعب بأن ألهمه القيام بالجهاد من أجل حقوقه
لأحمي مؤسسات دولتي التي أمتلكها و برلماني الذي انتخبته ليتم مهماته التي انتخبته من أجلها
لأستكمل ثورة شعبي الذي أنتمي إليه وأقف من أجلها ومن أجل أهدافها التي حددها الشعب وعبر الجدول الزمني الذي قرره الشعب
والأمر هنا لا يخضع لاجتهاد الأشخاص أو الأحزاب أو الحكام ، ذلك أن القرار الأول والأخير للشعب المصري الذي هو مصدر كل السلطات وقد سبق أن قرر الشعب المصري ترتيبات المرحلة الإنتقالية فعلا في استفتاء دستوري عام.
يوم 19 مارس قررنا: برلمان فرئيس ثم دستور ، دافعنا عن هذا الاختيار أمام من أراد التلاعب به من خصومنا في الأقلية السياسية، وسندافع عنه أمام من يفكر في التلاعب به من أصدقائنا في الأغلبية أو في السلطة العسكرية.
نريد بدء انتخابات رئاسة الجمهورية بعد انتخابات مجلس الشورى مباشرة ، لا نريد أن نكتب دستورنا تحت الحكم العسكري
الحق أحق أن يتبع وأصحاب الحق قد قرروا ولا يملك أحد أن يسلبهم حقهم في هذا القرار.
وبعيدا عن الشعارات وفي محاولة للمقاربة التحليلية ، الأمر أننا ازاء سلطة عسكرية متعددة الوجوه والأبعاد والأطراف والقوى، يمكنك فهم ذلك عندما تعلم أن المجلس الأعلى يضم في عضويته قادة أكثر عددا بكثير من العدد 19 المشهور وأن أسلوب اتخاذ القرارات داخل المجلس يكون عن طريق التصويت بعد مناقشة الموضوع المطروح ويتساوى في التصويت المشير والفريق واللواء حيث لكل منهم صوت واحد (ارجع لمقال إبراهيم عيسى عن الموضوع)
إذن ، من المفيد إدراك أن المجلس (ربما مثل مجلس عسكر يوليو) ليس كتلة واحدة برأي واحد وهو أمر يمكن من خلاله تفهم تضارب قرارات وتصريحات المجلس العسكري خلال العام الماضي، ومحاولة استقراء العبد لله لأصناف الاتجاهات الموجودة داخل المجلس انتهت إلى تصنيفهم إلى ثلاث فرق:
الأول: فريق من الشرفاء المخلصين للشعب منعدمي الكفاءة والخبرة السياسية والإدارية ممن يرغبون فعلا في تسليم السلطة لمدنيين منتخبين ولكنهم لا يعلمون كيف يحققون ذلك وربما لا يستطيعون (يمكن إفتراض أن العصار والفنجري أعضاء في هذا الفريق)
الثاني: فريق من أعداء الثورة وأنصار الفلول والنظام السابق ممن يرون في هذه الثورة مصيبة ومؤامرة لم تجلب للبلاد سوى الشرور ويسعون جاهدين للالتفاف عليها وعلى مكتسباتها وإجهاضها والقضاء على كل من وقف بجانبها. ويرون أن البلاد يجب أن تستمر تحت القيادة العسكرية بشكل أو بآخر بعد أن يغير النظام القائم جلده. وهؤلاء حلفاؤهم الأساسيون هم الفلول وأركان النظام المنتشرين بكل مؤسسات الدولة (يمكن افتراض الرويني والملا كأعضاء في هذا الفريق)
الثالث: فريق يتحرك بناء على تعليمات البنتاجون ولانجلي ويتحرك بما يخدم استقرار المصالح الأمريكية والإسرائيلية في مصر والمنطقة (فريق الرجل الثاني)
وغني عن الذكر أن كل من هذه الفرق الثلاث كانت اتجاهاتها هي المهيمنة في مراحل مختلفة وقرارات مختلفة اتخذها المجلس ، وذلك لا يرجع أساسا لاختلاف التوجهات داخل المجلس بقدر ما يرجع لحجم وقوة الضغوط من القوى المسانده لكل فريق (الشعب الثائر – الفلول وأركان النظام – الغرب والحكومة الأمريكية)
وغني عن الذكر أيضاً أن أهداف الفريقين الثاني والثالث غالبا ما تكون متناغمة بل ومتطابقة حيث أن ارتباط المصالح الأمريكية والإسرائيلية بالنظام القائم وببقاء الشعب المصري تحت ضغط الاستبداد من بديهيات السياسة
كل القرارات والخطوات التي اتخذها المجلس لصالح مطالب الثورة تم اتخاذها تحت الضغط الشعبي الثوري المباشر الذي يرجح كفة الفريق الأول، ولهذا السبب فإن المشهد في مجمله خلال العام الماضي بدى فيه المجلس العسكري معادياً للثورة أغلب الأوقات وعبر أغلب الممارسات والقرارات ذلك أن الضغوط التي تعضد اتجاهات الفريقين الثاني والثالث لم تتوقف للحظة واحدة خلال العام الماضي ، وهي ضغوط بطبعها سرية.
أما الفريق الأول فكان ظهيره الضاغط غائباً لفترات طويلة من الوقت طوال العام المنصرم وحتى عند ظهوره على المشهد بدى دائماً مفككاً متشرذماً منقسماً على نفسه بأهداف مشتته وغير واضحة بل وكثيراً ما تكون متضاربة.
أما عند تلك اللحظات الإستثنائية التي حضر فيها ظهير الفريق الأول (الشعب الثائر) قوياً حاضراً موحداً بأهداف ومطالب موحدة واضحة (التحفظ على مبارك ثم بدء محاكمته مثالاً) ، كانت النتيجة دائماُ في صالح الشعب وثورته ومطالبه.
إذن المعادلة المطلوبة للنجاح هي (هدف محدد – توحد قوى الثورة حول هذا الهدف – الحشد بقوة خلف الهدف في ميادين الثورة).
ليس هناك سلطة أقوى من سلطة الشعب (صاحب هذه البلد وثورتها) لتحدد الآليات والإجراءات والأهداف المطلوبة لتتحقق الأهداف السياسية الثورية الآنية (انتقال السلطة لمدنيين منتخبين ودستور جديد) ولذلك فإن الشعب نفسه عبر اختياره للإجراءات الحاكمة للمرحلة الإنتقالية في استفتاء 19 مارس الدستوري قد حدد المطلب التي يمكن أن نتوحد حوله في الموجة القادمة من الثورة ونحشد من أجله: انتخاب رئيس الجمهورية فور انتهاء انتخابات الشورى دون انتظار للانتهاء من الدستور وتسليم السلطة للرئيس المدني المنتخب في موعد أقصاه إبريل القادم.
أسأل الله أن يوحد كلمتنا ويرفع رايتنا ويؤلف بين قلوبنا وأن يرزقنا الإخلاص في النية والسداد في العمل.
هذا، وعلى الله قصد السبيل، عبدالرحمن عبدالودود، مدينة الشيخ زايد، 24 يناير، العام الثاني للثورة