الثلاثاء، 19 يونيو 2012

ثرثرة مهندس عن حكم المحكمة "اللا دستورية"

حكمت محكمة العسكر اللا دستورية الخميس 14 يونيو بالحكم الذي سبق أن هدد رئيس وزراء العسكر بأنه (موجود في الدرج) منذ شهور وهو حل مجلس الشعب المصري.
وانصبت كل اعتراضات المعترضين "بما فيهم النواب أصحاب الشأن" حول أن عدم الدستورية ينال المواد التي تنظم الترشح على الثلث الفردي فقط وبالتالي يصيب البطلان فقط ثلث البرلمان
ما أدفع به هنا هو أن القانون دستوري تماما والبرلمان صحيح بما في ذلك الثلث الفردي وحق الحزبيين في الترشح على المقاعد الفردية
وقبل أن ندخل في متن الموضوع يجب أولا أن نعي الآتي
أولاً: لمن لا يعلم عمن نتحدث، فهذه المحكمة تتكون جمعيتها العمومية من قضاة عينهم رئيس الجمهورية ورئيسها (فاروق سلطان) كان أساسا قاضيا عسكريا وعينه مبارك من خارج المحكمة.
ثانيا: حتى نوضح الصورة أكثر فإن قضاة المحكمة سبق أن أبدوا رأيهم في قانون الانتخابات عند وضعه وأقروا بدستوريته
ثالثاً: عبر تاريخ 40 سنه لهذه المحكمة لم يحدث أبدا ان حكمت في أي قضية من أول جلسة لكنها فعلت ذلك مع برلمان الثورة فقط

رابعاً: الطعون المماثلة التي أدت لعدم دستورية البرلمان في حالات مماثلة استغرقت 3 سنوات في برلماني 84 و87 واستغرقت 5 سنوات في برلمان 95

خامساً: في حالتي 84 و87 لم يكن هناك في دستور 71 مادة مثل المادة 38 من الإعلان الدستوري الصادرة في 25 سبتمبر

سادساً: المحكمة كسلطة قضائية لا ولاية لها على السلطة التشريعية وفقا لمبدأ الفصل بين السلطات. وليس من سلطاتها حل البرلمان إنما فقط تقف سلطتها عند الحكم بمدى دستورية مواد قانون الانتخابات. وبناء عليه تتخذ الجهة المختصة قرارها، كان هذا القرار من سلطة رئيس الجمهورية (بصفته هو الحكم بين السلطات في دستور 71 ولكن ليس لأحد سلطة حل المجلس الآن وفق الإعلان الدستوري القائم. وحتى عندما كان الرئيس يمتلك ذلك في حالتي 84 و 87 فإنه لم يمارس هذه السلطة إلا بعد إجراء استفتاء عام ولو كان شكلياً. لأنه ببساطة لا يمكنك أن تفكك سلطة انتخبها الشعب (الذي هو مصدر السلطات) دون الرجوع إلى صاحب الحق حتى لو كان ذلك بحجة عدم الدستورية (لأنه حتى الدستور نفسه يقرره الشعب)

حسناً، ماذا عن دستورية المجلس وثلثه الفردي؟

يجب أولاً ان نفهم أن دور المحكمة الدستورية هو الفصل في مدى مطابقة القوانين أو مخالفتها للدستور القائم (الذي هو الإعلان الدستوري في حالتنا هذه) وليس لها بأي حال أن تحكم على نصوص الدستور نفسه أو أن تبدي رأيها فيه.

هل تتذكرون الإعلان الدستوري أصدره المجلس العسكري في 25 سبتمبر 2011؟ إن لم تكونوا تتذكروه فدعوني أذكركم

المجلس الأعلى للقوات المسلحة
بعد الإطلاع على الإعلان الدستورى الصادر في 13 من فبراير سنة 2011
وعلى الإعلان الدستورى الصادر في 30 من مارس 2011.
قرر:
(المادة الأولى)
يعدل نص المادة (38) من الإعلان الدستورى الصادر في 30 من مارس سنة 2011 ليصبح
على النحو الآتى:
"ينظم القانون حق الترشيح لمجلسى الشعب والشورى وفقا لنظام انتخابى يجمع بين القوائم الحزبية المغلقة والنظام الفردى بنسبة الثلثين للأولى والثلث الباقى للثانى".
(المادة الثانية)
ينشر هذا الإعلان في الجريدة الرسمية، ويعمل به من اليوم التالى لتاريخ نشره.

هذا هوالنص الدستوري القائم  وقت إصدار قانون انتخابات مجلس الشعب ووقت تشكيل المجلس.

وكما هو واضح فإن المادة 38 تقرر حجز ثلثي البرلمان للأحزاب. وهذا نوع من التمييز بين المواطنين فعلا ولكنه تمييز إيجابي مثل كل أنواع التمييز التي نص عليها الدستور لا يمكن الاحتجاج ضده بعدم الدستورية مثله مثل كوتة المرأة وال 50% عمال وفلاحين

ففي كل حالات التمييز الإيجابي لا يمنع الفئة التي تم التمييز لصالحها من المنافسة على مقاعد باقي الفئات فمثلا للعمال ان ينافسوا على مقاعد الفئات وللنساء ان ينافسن على مقاعد الرجال دون أن يخل ذلك بمبادئ الدستور وبناء عليه فللحزبيين ان ينافسوا على مقاعد الفردي

والحقيقة أن نص المادة نفسه يؤكد على حق الحزبيين في المنافسه على مقاعد الثلث الفردي ففي حين حدد في ثلثي القوائم طبيعتها بدقة (فنص على كونها قوائم حزبية وقوائم مغلقة) فإنه سكت عن ذلك بخصوص الثلث الفردي تماما ولو أراد المشرع الدستوري أن يقصر الثلث الأخير على المستقلين لنص على ذلك صراحة مثلما نص على أن ثلثي القوائم للحزبيين. والحقيقة أن الدستور طالما سكت عن تحديد طبيعة المرشحين على الثلث الفردي فإن مبدأ المساواة التامة بين المواطنين نفسه  يقضي بحق كل المواطنين في الترشح على الثلث الفردي سواء كانوا من الحزبيين أو المستقلين.

مما سبق يتأكد لدينا بما لا يدع مجالاً للشك أن الحكم الصادر من محكمة مبارك ليس إلا ترتيباً للانقلاب العسكري الحادث الآن

هذا وعلى الله قصد السبيل

عبدالرحمن عبد الودود، مدينة الشيخ زايد، 19 يونيو، العام الثاني للثورة