الاثنين، 26 ديسمبر 2011

في فضيلة التدبير



هذه التدوينة هي تجميع لملاحظاتي عن مجريات الأمور وتأثيرها على مسار الثورة في الأسابيع القليلة الماضية

أصبح القتل في مصر خبراً روتينياً مثل حوادث الطرق، وأصبحت المذابح بدون أهداف

مشهد رأيته يتكرر في أحداث محمد محمود و أحداث مجلس الوزراء:
حفنة من السادة حاملي الحجارة والمولوتوف تقوم بالقاء الحجارة والمولوتوف على مبنى ما أو مجموعة من أفراد (الأمن - الجيش)
وبضعة آلاف من السادة الواقفين لا يفعلون شيئاً. لا بيمنعوهم ، ولا بيشاركوهم مهمتهم "النبيلة" في الحدف أو الحرق.
سؤالي إلى كل حلوف من هؤلاء، حضرتك رايح تعمل ايه بالضبط؟ بغض النظر عن موقفك من هذه الأفعال فأنت ببساطة بوقوفك لا ساندت حقاً ولا منعت باطلاً



‎"إذا التقى المسلمان بسيفيهما فالقاتل والمقتول في النار، فقلت يا رسول الله: هذا القاتل فما بال المقتول، قال: إنه كان حريصًا على قتل صاحبه" متفق عليه


لست مشغولا باحتمالات سوء النية من المجلس أو من المعتصمين، لدى الطرفين من الحماقة ما يكفي للتفوق على كل مؤامرات الدنيا في حجم الدمار الناتج!


أيها المولولون والغاضبون والشاتمون: هل لديكم خطة ما للخروج من دوامة الدم أم أن كل ما سنستفيده منكم هو أن تلعنوا كل شىء في البلاد وتتركوه ليسقط ويتفكك ويحترق؟

ماحدش بيفكر في عواقب ما ينشر؟، حضرات السادة اللي نازلين نشر في صورة(ضابط-مجند) الجيش، حد فيكم حاكم الراجل قدام قضاء عادل؟ حد فيكم مستعد يتحمل دمه ويسأل عليه يوم الدين؟ بلاش الدين، حد فيكم فكر ايه تبعات جعل الجيش والمجلس كفه واحده؟ حد فكر لما ضباط وجنود الجيش يوصلهم أن خروج المجلس العسكري من الحكم معناه قتلهم أو سجنهم؟ حد بيفكر في حاجه وبيحاول يفهم حاجه ولا لسه كله ماشي بعقلية الخناقة في خمارة؟
 

أرفض أن يحبسنا إطار رد الفعل لمواجهات تم فرضها علينا بأجندة القمع السلطوية. لا بد من الانتقال للمبادرة بالفعل

لم يكن العادلي هو من حدد للثوار 25 يناير وعندما سقط شهداء السويس يومها لم ينزل الثوار بعشوائية ولكنهم خططوا وحشدوا لجمعة الغضب بعد يومين

كل تقدم تحقق في مسار الثورة تحقق بمليونيات بمبادرة الثوار، كان الاستدراج دائماً يحدث في الاعتصامات قليلة العدد. 100 مندس لا يستطيعون عمل شيء وسط مليون متظاهر لكن يمكنهم تحويل اعتصام 500 شخص لمأساه
المفتاح لنجاح المليونيات هو المطالب الثورية الإجماعية، وتجنب استخدام الحشد ضد أطراف ثورية أو أطراف سياسية غير العسكر

كان سر النجاح في ال 18 يوماً وضوح الرؤية ووضوح الهدف، كان الثوار يزحفون على كوبري قصر النيل للوصول إلى ميدان التحرير للاعتصام حتى تنحية مبارك

ارجعوا لاعترافات فرد التحريات العسكرية الممسوك في الاعتصام الأخير وشهادة نواره حول فض اعتصام يوليو لتعلموا مخاطر انعدام الوضوح

الحشد يجب أن يكون فعلاً لا رد فعل، أهداف محدده، خطة محدده، أماكن محددة ، قيادة محدده (تنظيماً على الاقل)
 
لا أحد يطلب منك ألا تغضب لدماء وأعراض الناس، فقط لا تندفع كالثور نحو المتادرور الذي أعد حرابه ليغرسها في جسدك 

المطلوب أن تفرض أنت على خصمك قواعد اللعبة و ميدان المواجهة ووقتها وأسلوبها، لأن المواجهة باسلوب خصمك استنزاف لك

لا تفقد الرؤية قط: الشيخ الذس استشهد شيخك، والعرض الذي هتك عرضك والتاريخ الذي احترق تاريخك والمبنى الذي تهاجمه ملكك والجندي الذي قد تحرقه من أهلك. لذلك فالاندفاع نحو المواجهة بقواعد خصمك قتل لنفسك ولقضيتك.
 
الذي لم يؤلمه قتل أخيك المدني المعتصم لن يؤلمه قتل أخيك الجندي الذي يضربك. والذي أنفق الملايين على الغاز الذي يقمعك لن يؤلمه حرق مبانيك ومؤسساتك. كلها دماؤك أنت وأموالك أنت

الكلام اللي بيتقال على البوستات عن الدماء وحقوق الشهداء ، والاستهانة بمؤسسات ومرافق الدولة وتبرير العنف ضدها وضد السلطات واستحلال دماء الضباط والجنود بل والتبرؤ من الأغلبية التي ترغب في التهدئة وتسفيه المجتمع وتقرير أن الثوار هم (قلة على الحق)
لو فكرتم 5 دقايق حتلاقو دي كانت نفس أفكار الجماعات الإسلامية التي سلكت طريق الثورة المسلحة ل 15 سنه نعلم نتيجتها جميعاً، ماعنديش مانع تجربوها تاني ، براحتكم بس ساعتها روحوا بايعوا عبود الزمر بقى علشان الناس دي خبره في الموضوع

أرى على الطرفين كل دلائل التآمر وكل دلائل الحماقة، ولا يبرر تآمر احدهما للثاني حماقته.
س: لماذا فشلت ثورة يوليو وأدت إلى أن يترحم كثير من أبناء الشعب على عهد الملك واضطر الشعب في النهاية للقيام بثورة جديدة؟
ج: لأن الشباب اللي عملوا الثورة (ناصر وصحبه) قرروا ان علشان يحققوا أهداف الثورة يبقى لازم يحكموا هما بدل ما يسلموا الحكم للشعب يختار اللي يحكمه.
حد فهم حاجه؟
لا تنجر إلى معركة خصمك ولا إلى أسلوبه ولا إلى أرضه، أفرض عليه أسلوبك أنت ومعركتك أنت وأرضك أنت
الشيطان يكمن خلف كل التفاصيل، الذي يدبر لدائرة الدم في البالون وماسبيرو ومحمد محمود والقصر العيني. ليس المجلس العسكري ، هم أغبى من هذا ، ولكنهم ينفذون مايخطط لهم في واشنطن وتل أبيب كالكلب الأعمى المطيع.
وحلقة الوصل .. الثعلب الذي بيده كل القرارات ، ويلقن سيده ما يقول وما يقرر ، ويخادع القوى السياسية ويتلاعب بها، عن الرجل الثاني نتحدث
سيناريو 54 ينفذ بحذافيره .. تذكروا أن السناريو لم يكن لصالح الرقم 1 ولكن انتهى بقفز الرجل الثاني

البالون: أهالي الشهداء يهانون ويضربون ،،، انزلوا لدماء الشهداء
ماسبيرو: الأقباط يعتدون على الجيش ،،، انزلوا للدفاع عن جيشكم ودينكم
محمد محمود: ضرب وسحل المصابين ثم فتح شارع كجبهة لاستنزاف القتلى ،،، انزلوا لنصرة المظلومين
مجلس الوزراء: قتل العلماء والطلبة وهتك أعراض النساء ،،، انزلوا للرد عن الدماء والأعراض

هذه هي الرسائل التي حفل بها إعلامنا الرسمي أو الخاص أو كليهما في الأشهر القليلة الماضية، كانت هناك محاولة مشتركة بين (السلطة العسكرية – الإعلام) لصناعة حالة من الاحتراب الأهلي تسيل فيه الدماء أنهاراً لتبرير أي إجراءات استثنائية تتخذ لقمع الثورة

لتدركوا حجم الكارثة التي كان يمكن أن تترتب على الاندفاع في ردود الأفعال بناء على العواطف ، تخيلوا معي السيناريو الأخر لأحداث ماسبيرو
 

سلسلة من التصريحات العنيفة والاستفزازية لبعض القساوسة ضد الدولة، المسلمين، الإسلاميين

صدام بين الجيش والمتظاهرين الأقباط أمام ماسبيرو

الإعلام يناشد المواطنين "الشرفاء" النزول للدفاع عن جيشهم الذي يتعرض للهجوم من "الأقباط"

إسلاميون غاضبون ينزلون بكثافة إلى الشوارع للدفاع عن الجيش ومؤسسات الدولة

في الشارع يظهر فجأه أفراد مسلحون بدرجات مختلفه بلباس مدني يرفعون شعارات دينية مسيحية (بالروح بالدم نفديك يا صليب) ويعتدون على الجموع الإسلامية

يظهر أيضاً أفراد ملتحون ليقوموا بنفس الدور في الإتجاه المقابل ويعتدون على جموع الأقباط

النتيجة: حمام دم طائفي واحتراب أهلي قد يتسع إلى طول البلاد وعرضها وساعتها كان الناس سيصرخون طلباً للسلطة العسكرية كي تتدخل وتقمع الجميع

لم فشل المخطط في استكمال أهدافه؟ ببساطة لأن الإسلاميين استدعوا مخزونهم المعرفي عن كذب وسائل الإعلام وتضليلها فجلسوا في بيوتهم ولم ينجروا للصدام ، بل إن قياداتهم (نفس من يهاجمون الآن على مواقف مشابهه – ياسر برهامي مثالا) خرجوا على قواعدهم برسائل إعلامية سريعة تحذرهم فيها من النزول أو الإنجرار للمعركة

الخلاصة/ لا تنجر إلى فخاخ الخصم، وهذا لا يعني أن تتهاون في الحقوق لكن ساعة الصفر يجب أن تنبع من مخطط ذاتي لا من ردود أفعال لجرائم أعد خصمك مسرحها

كان لزوجتي تجربة (متجدده ) مع أحد ديناصورات البيروقراطية في الدولة (وزارة الصحة)
خطر في بالي كيف أن حركة الثورة أصبحت تتحرك بمنطق (خناقات الشوارع)
يركز الحمقى في صدام اللحظة ويسعون لفضح واستهداف أشخاص على طرف النظام (ضباط برتب صغيرة)
في حين يبقى القلب الحقيقي للنظام يحكم ويفسد ويعوق أي تغيير للأفضل

قلب النظام هو وكلاء الوزارات ومساعدو ومستشاروا الوزراء ورؤساء البنوك والشركات الكبرى والهيئات القومية ورؤساء الأحياء والقيادات الأمنية والعسكرية الكبرى
هؤلاء هم النظام ، هؤلاء من يتوزع أغلبهم بين لص فاسد و متخلف فاشل (الثاني أسوأ) يشكلون طبقة عازلة بين قواعدهم ( التي هي جزء من الشعب عامر بالثورة ) والقادة السياسيين ، وهم السر الحقيقي وراء فشل بعض المسئولين الثوريين أو الاصلاحيين الذين اعتلوا مناصب قيادية
هؤلاء هم الذين يجب أن يستهدفهم التطهير ويتعقبهم ، ولن تحتاجوا لتعقبهم بالطوب أو المولوتوف، فضحهم ، والتظاهر ضدهم ، و قليل من البصاق ، كفيلون بالقضاء عليهم

هذه الثورة لا تحتاج إلى أعداء ليدمروها، هذه الثورة ستدمر نفسها ذاتيا وتلقائياً بانقيادها خلف الرويبضة من القوم الذين تفشوا في صفوفها

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق